كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية

ابن عبد البر (٤٦٣ هـ) - موقفه من الجهمية: - ج: 6 - ص: 276

فوق الدابة واستويت فوق البيت وقال غيره: استوى أي انتهى شبابه واستقر فلم يكن في شبابه مزيد.

قال أبو عمر: الاستواء: الاستقرار في العلو وبهذا خاطبنا الله عز وجل وقال: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} (١) وقال: {واستوت عَلَى الْجُودِيِّ} (٢) وقال: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} (٣) وقال الشاعر:

فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة ... وقد حلق النجم اليماني فاستوى

وهذا لا يجوز أن يتأول فيه أحد: استولى: لأن النجم لا يستولي. وقد ذكر النضر بن شميل وكان ثقة مأمونا جليلا في علم الديانة واللغة قال: حدثني الخليل وحسبك بالخليل قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي وكان من أعلم من رأيت، فإذا هو على سطح فسلمنا فرد علينا السلام وقال لنا: استووا! فبقينا متحيرين ولم ندر ما قال. قال: فقال لنا أعرابي إلى جنبه: إنه أمركم أن ترتفعوا. قال الخليل: هو من قول الله عز وجل: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} (٤) فصعدنا إليه فقال: هل لكم في خبز فطير ولبن هجير وماء نمير؟ فقلنا الساعة فارقناه فقال: سلاما فلم ندر ما قال، فقال الأعرابي: إنه

---

(١) الزخرف الآية (١٣).
(٢) هود الآية (٤٤).
(٣) المؤمنون الآية (٢٨).
(٤) فصلت الآية (١١).