للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأجر على تلاوته، فهذا والله أعلم -معنى قوله: لا يجاوز حناجرهم- يقول: لا ينتفعون بقراءته، كما لا ينتفع الآكل والشارب من المأكول والمشروب بما لا يجاوز حنجرته.

وقد قيل: إن معنى ذلك: أنهم كانوا يتلونه بألسنتهم ولا تعتقده قلوبهم، وهذا إنما هو في المنافقين. (١)

حكم من شق عصا المسلمين:

- قال أبو عمر: أجمع العلماء على أن من شق العصا وفارق الجماعة، وشهر على المسلمين السلاح، وأخاف السبيل، وأفسد بالقتل والسلب، فقتلهم وإراقة دمائهم واجب، لأن هذا من الفساد العظيم في الأرض، والفساد في الأرض موجب لإراقة الدماء بإجماع، إلا أن يتوب فاعل ذلك من قبل أن يقدر عليه، والانهزام عندهم ضرب من التوبة، وكذلك من عجز عن القتال، لم يقتل إلا بما وجب عليه قبل ذلك. ومن أهل الحديث طائفة تراهم كفارا على ظواهر الأحاديث فيهم مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حمل علينا السلاح فليس منا» (٢) ومثل قوله: «يمرقون من الدين» (٣)، وهي آثار يعارضها غيرها فيمن لا يشرك بالله شيئا، ويريد بعمله وجهه، -وإن أخطأ في حكمه واجتهاده- والنظر يشهد أن الكفر لا يكون إلا بضد الحال التي يكون بها


(١) فتح البر (١/ ٤٥٨ - ٤٥٩).
(٢) أحمد (٢/ ٣٢٩) والبخاري (١٢/ ١٩٢/٦٨٧٣) ومسلم (١/ ٩٨/٩٨ - ٩٩ - ١٠٠ - ١٠١) عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم، منهم ابن عمر وأبو موسى وأبو هريرة وغيرهم.
(٣) تقدم تخريجه ضمن مواقف أبي سعيد الخدري سنة (٦٣هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>