للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمر كله لا شريك له، نظام ذلك قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (١). وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (٢). وحسب المؤمن من القدر، أن يعلم أن الله لا يظلم مثقال ذرة، ولا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو الرحمن الرحيم فمن رد على الله تعالى خبره في الوجهين أو في أحدهما كان عنادا، وكفرا، وقد تظاهرت الآثار في التسليم للقدر والنهي عن الجدل فيه، والاستسلام له والإقرار بخيره وشره والعلم بعدل مقدره وحكمته. وفي نقض عزائم الانسان برهان فيما قلنا، وتبيان، والله المستعان. (٣)

- وقال رحمه الله -شارحا لحديث مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح، فإنما لها ما قدر لها» (٤) -: في هذا الخبر من الفقه أنه لا ينبغي أن تسأل المرأة زوجها أن يطلق ضرتها لتنفرد به، فإنما لها ما سبق به القدر عليها، لا ينقصها طلاق ضرتها شيئا مما جرى به القدر لها ولا يزيدها. وقال الأخفش: كأنه يريد أن تفرغ صحفة تلك من خير الزوج وتأخذه هي وحدها.

قال أبو عمر: وهذا الحديث من أحسن أحاديث القدر عند أهل العلم


(١) الإنسان الآية (٣٠).
(٢) القمر الآية (٤٩).
(٣) التمهيد (فتح البر ٢/ ١٩٦).
(٤) أحمد (٢/ ٤٨٩) والبخاري (١١/ ٦٠٤/٦٦٠١) ومسلم (٢/ ١٠٣٣/١٤١٣) وأبو داود (٢/ ٦٣٠/٢١٧٦) والنسائي (٦/ ٣٨٠ - ٣٨١/ ٣٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>