للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على البياض، وقالوا غثاء وغثر، وزوامل أسفار، وقالوا أقاصيص وحكايات وأخبار، وربما قرأوا {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} (١). وفي الحقيقة: ما ثلموا إلا دينهم ولا سعوا إلا في هلاك أنفسهم، وما للأساكفة وصوغ الحلي وصناعة البز، وما للحدادين وتقليب العطر والنظر في الجواهر. أما يكفيهم صدأ الحديد، ونفخ في الكير وشواظ الذيل والوجه وغبرة في الحدقة، وما لأهل الكلام ونقد حملة الأخبار، وما أحسن قول من قال:

بلاء ليس يشبهه بلاء ... عداوة غير ذي حسب ودين

ينيلك منه عرضا لم يصنه ... ويرتع منك في عرض مصون

لكن الحق عزيز، وكل مع عزته يدعيه. ودعواهم الحق تحجبهم عن مراجعة الحق. نعم إن على الباطل ظلمة وإن على الحق نورا، ولا يبصر نور الحق إلا من حشى قلبه بالنور {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)} (٢) فالمتخبط في ظلمات الهوى والمتردي في مهاوي الهلكة، والمتعسف في المقال لا يوفق للعود إلى الحق، ولا يرشد إلى طريق الهدى ليظهر وعورة مسلكه وعز جانبه، وتأبيه إلا على أهله {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨)} (٣).

- ثم قال (باب الحث على السنة، والجماعة، والاتباع، وكراهة التفرق


(١) الجمعة الآية (٥).
(٢) النور الآية (٤٠).
(٣) الأنعام الآية (١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>