هذا الكلام فيه البيان الكافي لمن يعقل عن الله وعن رسوله وعن السلف الصالح الذين يتكلمون من مشكاة النبوة. فأين الذين يتبجحون، ويقولون: إن ابن تيمية وابن القيم هما اللذان أحدثا هذه الطرق، التي اعتمد عليها السلفيون.
فهذا الإمام بعيد عن الشيخين بعد الثرى من الثريا، فهما -كما يزعمون- حنابلة وهذا الإمام شافعي، وهما عاشا في القرن الثامن، وهو عاش في القرن الخامس، وكلامه رضي الله عنه في الإنكار على الأشاعرة والمتكلمين، ربما كان أشد في اللهجة من كلام الشيخين، وإن كانت طريقة الشيخين أكثر تفصيلا، ولكن هذه شذرة من شجرة هذا الإمام فمن رجع إلى كتابه: الانتصار لأهل الحديث، الذي لخصه السيوطي في 'صون المنطق' لرأى كلام الرجل السلفي بحق، وهذا الكتاب أحد تراث الشيخ السلفي.
- قال الحافظ في الفتح: وقال أبو المظفر بن السمعاني: تعقب بعض أهل الكلام قول من قال إن السلف من الصحابة والتابعين لم يعتنوا بإيراد دلائل العقل في التوحيد، بأنهم لم يشتغلوا بالتعريفات في أحكام الحوادث، وقد قبل الفقهاء ذلك واستحسنوه فدونوه في كتبهم، فكذلك علم الكلام، ويمتاز علم الكلام بأنه يتضمن الرد على الملحدين وأهل الأهواء، وبه تزول الشبهة عن أهل الزيغ ويثبت اليقين لأهل الحق وقد علم الكل أن الكتاب لم تعلم حقيته، والنبي لم يثبت صدقه إلا بأدلة العقل، وأجاب: أما أولا فإن الشارع والسلف الصالح نهوا عن الابتداع وأمروا بالاتباع، وصح عن السلف