خلافه، ولا يعذر فيه فإن الحق لا يخرج عنهم، لأنهم الأدلاء، وأرباب مذاهب هذه الأمة، والصدور والسادة، والعلماء القادة، أولوا الدين والديانة، والصدق والأمانة، والعلم الوافر، والاجتهاد الظاهر، ولهذا المعنى اقتدوا بهم في الفروع، فجعلوهم فيها وسائل بينهم وبين الله، حتى صاروا أرباب المذاهب في المشارق والمغارب، فليرضوا كذلك بهم في الأصول فيما بينهم وبين ربهم وبما نصوا عليه ودعوا إليه.
قال: فإنا نعلم قطعا أنهم أعرف قطعا بما صح من معتقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده، لجودة معارفهم وحيازتهم شرائط الإمامة ولقرب عصرهم من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، كما بيناه في أول الكتاب.
قال: ثم أردت -ووافق مرادي سؤال بعض الإخوان- أن أذكر خلاصة مناصيصهم متضمنة بعض ألفاظهم. فإنها أقرب إلى الحفظ، وهي اللباب لما ينطوي عليه الكتاب، فاستعنت بمن عليه التكلان، وقلت: إن الذي آثرناه من مناصيصهم يجمعه فصلان:
أحدهما: في بيان السنة وفضلها.
والثاني: في هجران البدعة وأهلها.
أما الفصل الأول: فاعلم أن السنة طريقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتسنن بسلوكها وإصابتها، وهي أقسام ثلاثة: أقوال، وأعمال، وعقائد. فالأقوال: نحو الأذكار والتسبيحات المأثورة. والأفعال: مثل سنن الصلاة والصيام والصدقات المذكورة، ونحو السير المرضية، والآداب المحكية، فهذان القسمان في عداد التأكيد والاستحباب، واكتساب الأجر والثواب. والقسم الثالث: