المعصوم بما يطول ذكره. ومن جملة ذلك أنهم يقولون: إن لله في عباده أسرارا وأحكاما، والعقل لا يستقل بدركها، فلا يعرف ذلك إلا من قبل إمام معصوم. فقلت لهم: أمات الإمام المبلغ عن الله لأول ما أمره بالتبليغ أم هو مخلد؟ فقال لي: مات -وليس هذا بمذهبه، ولكنه تستر معي-. فقلت: هل خلفه أحد؟ فقال: خلفه وصيه علي. قلت: فهل قضى بالحق وأنفذه؟ قال: لم يتمكن لغلبة المعاند. قلت: فهل أنفذه حين قدر؟ قال: منعته التقية ولم تفارقه إلى الموت؛ إلا أنها كانت تقوى تارة وتضعف أخرى، فلم يمكن إلا المداراة؛ لئلا ينفتح عليه أبواب الاختلال. قلت: وهذه المداراة حق أم لا؟ فقال: باطل أباحته الضرورة. قلت: فأين العصمة؟ قال: إنما تغني العصمة مع القدرة. قلت: فمن بعده إلى الآن وجدوا القدرة أم لا؟ قال: لا. قلت: فالدين مهمل، والحق مجهول مخمل؟ قال: سيظهر. قلت: بمن؟ قال: بالإمام المنتظر. قلت: لعله الدجال؟ فما بقي أحد إلا ضحك. وقطعنا الكلام على غرض مني؛ لأني خفت أن ألجمه فينتقم مني في بلاده.
ثم قلت: ومن أعجب ما في هذا الكلام: أن الإمام إذا أوعز إلى من لا قدرة له؛ فقد ضيع، فلا عصمة له! وأعجب منه أن الباري تعالى -على مذهبه- إذا علم أنه لا علم إلا بمعلم، وأرسله عاجزا مضطربا لا يمكنه أن يقول ما علم؛ فكأنه ما علمه وما بعثه، وهذا عجز منه وجور، لاسيما على مذهبهم! فرأوا من الكلام ما لم يمكنهم أن يقوموا معه بقائمة. وشاع الحديث، فرأى رئيس الباطنية المسمين بالإسماعيلية أن يجتمع معي، فجاءني أبو الفتح إلى مجلس الفقيه الديبقي، وقال: إن رئيس الإسماعيلية رغب في الكلام معك. فقلت: أنا مشغول.