للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقلب لا غير بقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} (١) أي بمصدق لنا، وبقول الناس: فلا يؤمن بعذاب القبر وبالشفاعة وما أشبهها، وأراد به التصديق.

والجواب: أنا لا ننكر أن هذا حد الإيمان في اللغة. وأما في الشرع فهو أشرف خصال الإيمان، ولا يمتنع أن يكون للشيء اسم في اللغة واسم في الشرع، وإذا ورد الشرع به فإنه يجب حمله على ما تقرر اسمه في الشرع كالصلاة فإنها في اللغة المراد بها الدعاء، وهي في الشرع عبارة عن هذه الأفعال المشروعة في الصلاة، وكذلك الصيام فهو في اللغة اسم للإمساك عن جميع الأشياء، وهو في الشرع اسم للإمساك عن أشياء مخصوصة، والزكاة في اللغة اسم للزيادة، وهي في الشرع اسم لأخذ شيء من المال، والحج في اللغة القصد، وهو في الشرع اسم لهذه الأفعال المشروعة، والغائط في اللغة اسم للموضع المطمئن، وفي الشرع اسم لما يخرج من الإنسان، وإذا ورد الشرع بشيء من هذه الأشياء، فإنما يحمل على ما تقرر في الشرع لا على مقتضاه في اللغة.

واحتجت المرجئة ومن قال إن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب دون الأعمال بالأخبار المشهورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة». (٢)

وبما روى عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شهد أن لا إله إلا


(١) يوسف الآية (١٧).
(٢) أخرجه من حديث معاذ رضي الله عنه: أحمد (٥/ ٢٤٧) وأبو داود (٣/ ٤٨٦/٣١١٦) والحاكم (١/ ٣٥١) وصححه ووافقه الذهبي. وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه: ابن حبان (الإحسان ٧/ ٢٧٢/٣٠٠٤). وليس في شيء من الروايات محمد رسول الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>