حلب، ولقيت آخر برسالته، فزودني إلى الكهف، وكان الأمر أن أقيم هنا، فأقمت حتى مات الشيخ أبو محمد صاحب الأمر، فولي بعده خواجا علي بغير نص، بل باتفاق جماعة، ثم اتفق الرئيس أبو منصور ابن الشيخ أبي محمد والرئيس فهد، فبعثوا من قتل خواجا، وبقي الأمر شورى، فجاء الأمر من الألموت بقتل قاتله وإطلاق فهد، وقرئت الوصية على الجماعة، وهي:
هذا عهد عهدناه إلى الرئيس ناصر الدين سنان، وأمرناه بقراءته على الرفاق والإخوان، أعاذكم الله من الاختلاف واتباع الأهواء، إذ ذاك فتنة الأولين، وبلاء الآخرين، وعبرة للمعتبرين، من تبرأ من أعداء الله وأعداء وليه ودينه، عليه موالاة أولياء الله، والاتحاد بالوحدة سنة جوامع الكلم، كلمة الله والتوحيد والإخلاص، لا إله إلا الله عروة الله الوثقى، وحبله المتين، ألا فتمسكوا به، واعتصموا به، فبه صلاح الأولين، وفلاح الآخرين، أجمعوا آراءكم لتعليم شخص معين بنص من الله ووليه، فتلقوا ما يلقيه إليكم من أوامره ونواهيه بقبول، فلا وربك لا تؤمنون حتى تحكموه فيما شجر بينكم ثم لا تجدوا في أنفسكم حرجا مما قضى وتسلموا تسليما، فذلك الاتحاد بالوحدة التي هي آية الحق المنجية من المهالك، المؤدية إلى السعادة، إذ الكثرة علامة الباطل المؤدية إلى الشقاوة المخزية، فنعوذ بالله من زواله، وبالواحد من آلهة شتى، وبالوحدة من الكثرة، وبالنص والتعليم من الأدواء والأهواء، وبالحق من الباطل، وبالآخرة الباقية من الدنيا الملعونة، إلا ما أريد به وجه الله، فتزودوا منها للأخرى، وخير الزاد التقوى، أطيعوا أميركم ولو كان عبدا حبشيا. (١)