بالجوارح، وكل خصلة من خصال الطاعات المفروضة إيمان. فعلى هذا الإيمان عندهم التصديق، وموضعه القلب والمعبر عنه باللسان، وظاهر الدليل عليه بعد الإقرار شهادة الأركان وهي ثلاثة أشياء: شهادة، واعتقاد، وعمل، فالشهادة تحقن الدم وتمنع المال وتوجب أحكام الله، والعمل يوجب الديانة والعدالة، وهذان ظاهران يوجبان الظاهرة الشريعة، فأما العقيدة فإنها تظهرها الآخرة، لأنها خفية لا يعلمها إلا الله، فمن ترك العقيدة بالقلب وأظهر الشهادة فهو منافق، ومن اعتقدها بقلبه وعبر عنها لسانه وترك العمل بالفرائض عصيانا منه فهو فاسق غير خارج بذلك عن إيمانه، لكنه يكون ناقصا، وتجري عليه أحكام المسلمين، اللهم إلا إن تركها وهو جاحد بوجوبها: فهو كافر حلال الدم ويجب قتله. وأما من اعتقد بقلبه أن الله وحده لا شريك له وأثبته معرفة ووجودا، كما قال أبو جعفر بن محمد رضي الله عنه للأعرابي الذي قال له: رأيت الله حين عبدته؟ قال: ما كنت لأعبد ما لم أره، قال له الأعرابي: فكيف رأيته؟ قال: لم تره الأبصار بمشاهدة الأعيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يدرك بالحواس ولا يشبه بالناس، معروف بالآيات، منعوت بالعلامات، لا يجور في القضيات، ذلك الله الذي لا اله إلا هو. قال الأعرابي: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
فعلى هذا لئن عبر عنه لسانه بما تقدم ذكره، وعمل بجوارحه ما فرض عليه، وصدق بما جاء من عند ربه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه صواب وحكمة وعدل، وأن الطاعة له فيها لازمة، واجتنب الكبائر الموبقة: فهو مؤمن حقا، يزيد إيمانه بالطاعات وينقص بالمعاصي، فيستحق بالطاعات الثواب، ويأمن