للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} (١)، وإبليس ومن ذكرت لا يعملون بهذا فخرجوا من الرحمة. والآية التي ذكرناها ما فيها استثناء ولا نقص ولا تقصير، فافهم هذا أرشدك الله، ففيه كفاية لكسر تمويهك والحمد لله.

فإن زاد واعترض ولم يقنع بما مضى، وقال: ألستم تقولون: إن الله رضي من عباده المعصية وأرادها منهم؟ فكيف يعذبهم على ما قد مضى منهم؟

قيل له: لسنا نقول: إنه أمر بها ولا رضي، لأنه يقول سبحانه: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (٢)، بل نقول: أراد المعصية منهم إرادة كتب وعلم سابق، لا إرادة أمر ولا خير ورضى، لأن الخلق لا يقدرون أن يخرجوا من علمه الذي هو قد علم أنه سيكون منهم، ولا على اكتسابه إلا بمعونته، فالذي يوجد منهم من الطاعات بهداه وتوفيقه ولطفه، والذي تركوا من المعاصي بعصمته وتسديده، والذي كان منهم من فعل المعصية بخذلانه وإرادته ومشيئته، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا إلا ما شاء، لأنه لا يكون في سلطانه ما لا يريد وما لا يشاء، ألا ترى إلى قوله سبحانه: {وَمَا


(١) الأعراف الآيتان (١٥٦و١٥٧).
(٢) الزمر الآية (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>