للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخفى أن «الدين النصيحة» (١)، خصوصا للمولى الكريم والرب الرحيم، فكم قد زل قلم وعثر قدم وزلق متكلم، ولا يحيطون به علما قال عز من قائل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٨)} (٢).

وأنت يا عبد الرحمن فما يزال يبلغ عنك ويسمع منك ويشاهد في كتبك المسموعة عليك، تذكر كثيرا ممن كان قبلك من العلماء بالخطإ، اعتقادا منك أنك تصدع بالحق، من غير محاباة، ولابد من الجريان في ميدان النصح: إما لتنتفع إن هداك الله، وإما لتركيب حجة الله عليك. ويحذر الناس قولك الفاسد، ولا يغرك كثرة اطلاعك على العلوم، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه لا فقه له، ورب بحر كدر ونهر صاف، فلست بأعلم من الرسول حيث قال له الإمام عمر: أتصلي على ابن أبي؟ فنزل القرآن: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} (٣).

ولو كان لا ينكر من قل علمه على من كثر علمه إذا لتعطل الأمر بالمعروف وصرنا كبني إسرائيل حيث قال تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} (٤).

بل ينكر المفضول على الفاضل وينكر الفاجر على الولي -على تقدير


(١) أخرجه أحمد (٤/ ١٠٢) ومسلم (١/ ٧٤/٥٥) وأبو داود (٥/ ٢٣٣ - ٢٣٤/ ٤٩٤٤) والنسائي (٧/ ١٧٦/٤٢٠٨) عن تميم الداري. والحديث ذكره البخاري تعليقا (١/ ١٨٢). قال ابن حجر في الفتح: "هذا الحديث أورده المصنف هنا ترجمة باب، ولم يخرجه مسندا في هذا الكتاب لكونه على غير شرطه، ونبه بإيراده على صلاحيته في الجملة".
(٢) الحج الآية (٨).
(٣) التوبة الآية (٨٤). والحديث أخرجه أحمد (١/ ١٦) والبخاري (٣/ ٢٩٢/١٣٦٦) والترمذي (٥/ ٢٦٠ - ٢٦١/ ٣٠٩٧) وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب". والنسائي (٤/ ٣٧٠/١٩٦٥) كلهم من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول ... فذكره. وفي الباب عن عبد الله عمر رضي الله عنهما.
(٤) المائدة الآية (٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>