للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع لبنة، فكان هو - صلى الله عليه وسلم - موضع اللبنة (١). وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويرى نفسه في الحائط موضع لبِنتين، ويرى نفسه تنطبع في موضع تينك اللبنتين، فيكمل الحائط. والسبب الموجب لكونه رآها لبنتين أن الحائط لبنة من ذهب ولبنة من فضة، واللبنة الفضة هي ظاهره وما يتبعه فيه من الأحكام، كما هو آخذ عن الله في السر ما هو في الصورة الظاهرة متبع فيه، لأنه يرى الأمر على ما هو عليه، فلابد أن يراه هكذا، وهو موضع اللبنة الذهبية في الباطن؛ فإنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول. (٢)

وقال ابن تيمية أيضا: ولهذا ادعى أنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك، الذي يوحى به إلى الأنبياء. والنبي عنده يأخذ من المَلَك الذي يوحى به إلى الرسل، لأن النبي عنده يأخذ من الخيالات التي تمثلت في نفسه لما صورت له المعاني العقلية في الصور الخيالية، وتلك الصور عنده هي الملائكة، وهي بزعمه تأخذ عن عقله المجرد قبل أن تصير خيالا، ولهذا يفضل الولاية على النبوة، ويقول:

مقام النبوة في برزخ ... فويق الرسول ودون الولي (٣)

قال الذهبي: ومن أردإ تواليفه كتاب الفصوص، فإن كان لا كفر فيه


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣٩٨) والبخاري (٦/ ٦٩٣/٣٥٣٥) ومسلم (٤/ ١٧٩٠/٢٢٨٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين».
(٢) المنهاج (٥/ ٣٣٦ - ٣٣٨).
(٣) المنهاج (٨/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>