للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما اخترعه أصحاب التواجد، لكان أولئك الملأ أول سابق إليه وأول واجد، وتناطقوا بتلك العبارات، وأشاروا بتلك الإشارات، ولفشا ذلك في السابقين المتشرعين، كما فشا في المتأخرين المبتدعين، فلما لم يكن شيء من ذلك، علمنا أنه من المحدثات التي هي بدع وضلالات. (١)

- قال في الفصل الثاني في بيان سماع السلف وأحوالهم عنده: اعلم وقانا الله وإياك بدع المبتدعين، ونزغات الزائغين أن سماع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، إنما كان القرآن، فإياه يتدارسون وفيه يتفاوضون، ومعانيه يتفهمون، يستعذبونه في صلواتهم، ويأنسون به في خلواتهم، ويتمسكون به في محاولاتهم ويلجؤون إليه في جميع حالاتهم، فإذا سمعوه أنصتوا إليه كما أمروا، وإذا قرؤوه تدبروا واعتبروا، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، واقتبسوا أحكامه، يتخلقون بأخلاقه، ويعملون على وفاقه، علماً منهم بأنه طريق النجاة ونيل الدرجات، وتلاوته أفضل العبادات، وأجل القربات، فإنه حبل الله المتين، والصراط المستقيم، الذي لا تزيغ به الأهواء ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد من قال به صدق ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه دعا إلى صراط مستقيم، هكذا قاله من عليه الصلاة والسلام والتسليم (٢)، وكان لهم عند سماعه من الأحوال ما قاله ذو الجلال: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ


(١) كشف القناع (ص.١٥٣ - ١٥٤).
(٢) حديث الحارث الأعور في فضل القرآن، وهو حديث ضعيف. أخرجه: الترمذي ((٥/ ١٨٥ - ١٥٩) ٢٩٠٦) وقال: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسناده مجهول وفي الحارث مقال". والدارمي (٢/ ٤٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>