- صلى الله عليه وسلم -، وذلك: أنهم لما حكموا بكفر من خرجوا عليه من المسلمين، استباحوا دماءهم، وتركوا أهل الذمة، وقالوا: نفي لهم بذمتهم. وعدلوا عن قتال المشركين، واشتغلوا بقتال المسلمين عن قتال المشركين. وهذا كله من آثار عبادات الجهال الذين لم يشرح الله صدورهم بنور العلم، ولم يتمسكوا بحبل وثيق، ولا صحبهم في حالهم ذلك توفيق. وكفى بذلك: أن مقدمهم رد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره، ونسبه إلى الجور، ولو تبصر لأبصر عن قرب أنه لا يتصور الظلم والجور في حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما لا يتصور في حق الله تعالى؛ إذ الموجودات كلها ملك لله تعالى، ولا يستحق أحد عليه حقا، فلا يتصور في حقه شيء من ذلك. والرسول - صلى الله عليه وسلم - مبلغ حكم الله تعالى، فلا يتصور في حقه من ذلك ما لا يتصور في حق مرسله. ويكفيك من جهلهم وغلوهم في بدعتهم حكمهم بتكفير من شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصحة إيمانه، وبأنه من أهل الجنة، كعلي وغيره من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ مع ما وقع في الشريعة، وعلم على القطع والثبات من شهادات الله ورسوله لهم، وثنائه على علي والصحابة عموما وخصوصا. (١)
وقال: وقوله: «محلقة رؤوسهم» وفي حديث آخر: «سيماهم التحليق» أي: جعلوا ذلك علامة لهم على رفضهم زينة الدنيا. وشعارا ليعرفوا به، كما يفعل البعض من رهبان النصارى يفحصون عن أوساط رؤوسهم. وقد جاء في وصفهم مرفوعا:«سيماهم التسبيد» أي: الحلق يقال: سبد رأسه؛ إذا حلقه. وهذا كله منهم جهل بما يزهد فيه، وما لا يزهد فيه، وابتداع منهم في