بعضهم بحديث يرويه أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فرفع بعضهم الحديث وزادت المدافعة والخصام حتى قال قائلون منهم: لا يُقبل هذا الحديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن أبا هريرة مُتَّهم فيما يرويه، وصرّحوا بتكذيبه، ورأيت الرشيد قد نحا نحوهم ونصر قولهم فقلت أنا: الحديث صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو هريرة صحيح النقل صدوق فيما يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره؛ فنظر إليّ الرشيد نظر مُغْضِب، وقمت من المجلس فانصرفت إلى منزلي، فلم ألبث حتى قيل: صاحب البريد بالباب؛ فدخل فقال لي: أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول، وتحنّط وتكفّن فقلت: اللهم إنك تعلم أني دفعت عن صاحب نبيّك، وأجللت نبيّك أن يطعن على أصحابه، فسَلِّمْني منه. فأدخلت على الرشيد وهو جالس على كرسيّ من ذهب، حاسر عن ذراعيه، بيده السيف وبين يديه النِّطْع؛ فلما بَصُرَ بي قال لي: يا عمر بن حبيب ما تلقّاني أحد من الرد والدفع لقولي بمثل ما تلقيتني به؛ فقلت: يا أمير المؤمنين؛ إن الذي قلته وجادلت عنه فيه ازدراء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى ما جاء به؛ إذا كان أصحابه كذابين فالشريعة باطلة، والفرائض والأحكام في الصيام والصلاة والطلاق والنكاح والحدود كلّه مردود غير مقبول؛ فرجع إلى نفسه ثم قال: أحييتني يا عمر بن حبيب أحياك الله! وأمر لي بعشرة آلاف درهم.
قلت: فالصحابة كلهم عدول، أولياء الله تعالى وأصفياؤه، وخِيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله. هذا مذهب أهل السنة، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة. وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم؛ فيلزم البحث عن عدالتهم. ومنهم من فرق بين حالهم في