للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه لو فرض أن إحدى الطائفتين مختصة بالبدعة لم يكن لأهل السنة أن يكفروا كل من قال قولا أخطأ فيه، فإن الله سبحانه قال: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (١) وثبت في الصحيح أن الله قال: «قد فعلت» (٢) وقال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} (٣) وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان» وهو حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره. (٤)

وأجمع الصحابة وسائر أئمة المسلمين على أنه ليس كل من قال قولا


(١) البقرة الآية (٢٨٦).
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٣) ومسلم (١/ ١١٦/١٢٦) والترمذي (٥/ ٢٠٦/٢٩٩٢) والنسائي في الكبرى (٦/ ٣٠٧/١١٠٥٩) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) الأحزاب الآية (٥).
(٤) أخرجه ابن ماجه (١/ ٦٥٩/٢٠٤٥) من طريق الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا: وقال البوصيري: "إسناده صحيح إن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع بدليل زيادة عبيد بن عمير في الطريق الثاني -يشير إلى طريق الطحاوي والبيهقي والحاكم- وليس ببعيد أن يكون السقط من جهة الوليد بن مسلم فإنه كان يدلس". وقال الحافظ في الفتح (٥/ ٢٠١ - ٢٠٢): "وأخرجه الفضل بن جعفر التيمي في فوائده بالإسناد الذي أخرجه به ابن ماجه ورجاله ثقات إلا أنه أعل بعلة غير قادحة فإنه من رواية الوليد عن الأوزاعي عن عطاء عنه، وقد رواه بشر بن بكر عن الأوزاعي فزاد (عبيد بن عمير) بين عطاء وابن عباس". وأخرجه أيضا الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ٩٥) والدارقطني (٤/ ١٧٠ - ١٧١) وابن حبان (١٦/ ٢٠٢/٧٢١٩) والطبراني في الصغير (١/ ٢٨٢/٧٥٢) والبيهقي (٧/ ٣٥٦) والحاكم (٢/ ١٩٨) وابن حزم في الأحكام (٥/ ١٤٩) من طريق بشر بن بكر وأيوب بن سويد قالا: ثنا الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن ابن عباس به. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي". والحديث حسنه النووي في الأربعين وأقره الحافظ في التلخيص الحبير (١/ ٢٨١) .. وقال البيهقي: "جود إسناده بشر بن بكر وهو من الثقات". وللحديث شواهد ذكرها الزيلعي في نصب الراية (٢/ ٦٤ - ٦٥) وابن رجب في شرح الأربعين (٣٦١) والسخاوي في المقاصد الحسنة (٢٢٨ - ٢٣٠) وقال: "ومجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>