للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمشتبه المجهول، فإن مثال ذلك: مثل من كان سائرا إلى مكة في طريق معروفة لا شك أنها توصله إلى مكة إذا سلكها، فعدل عنها إلى طريق مجهولة لا يعرفها، ولا يعرف منتهاها؛ وهذا مثال من عدل عن الكتاب والسنة إلى كلام من لا يدري هل يوافق الكتاب والسنة أو يخالف ذلك.

وأما من عارض الكتاب والسنة بما يخالف ذلك فهو بمنزلة من كان يسير على الطريق المعروفة إلى مكة؛ فذهب إلى طريق قبرص يطلب الوصول منها إلى مكة، فإن هذا حال من ترك المعلوم من الكتاب والسنة، إلى ما يخالف ذلك من كلام زيد وعمرو كائنا من كان، فإن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد رأيت في هذا الباب من عجائب الأمور مالا يحصيه إلا العليم بذات الصدور!! (١)

- وقال: وإنما المقصود هنا التنبيه على الجمل، فإن كثيرا من الناس يقرأ كتبا مصنفة في أصول الدين وأصول الفقه بل في تفسير القرآن والحديث ولا يجد فيها القول الموافق للكتاب والسنة الذي عليه سلف الأمة وأئمتها، وهو الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول، بل يجد أقوالا كل منها فيه نوع من الفساد والتناقض، فيحار ما الذي يؤمن به في هذا الباب؟! وما الذي جاء به الرسول، وما هو الحق والصدق، إذ لم يجد في تلك الأقوال ما يحصل به ذلك؟! وإنما الهدى فيما جاء به الرسول الذي قال الله فيه: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٢٥٨ - ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>