للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصول هؤلاء الملاحدة، وجعل ما يفيض على النفوس من المعارف من جنس خطاب الله عز وجل لموسى بن عمران النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما تقوله القرامطة الباطنية ونحوهم من المتفلسفة، وجعل "خلع النعلين" الذي خوطب به موسى صلوات الله عليه وسلامه إشارة إلى ترك الدنيا والآخرة، وإن كان قد يقرر خلع النعلين حقيقة، لكن جعل هذا إشارة إلى أن من خلع الدنيا والآخرة فقد حصل له ذلك الخطاب الإلهي. وهو من جنس قول من يقول: إن النبوة مكتسبة، ولهذا كان أكابر هؤلاء يطمعون في النبوة، فكان السهروردي المقتول يقول: لا أموت حتى يقال لي: {قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)} (١) وكان ابن سبعين يقول: لقد زَرَب ابن آمنة حيث قال: «لا نبي بعدي»، ولما جعل خلع النعلين إشارة إلى ذلك، أخذ ذلك ابن قسي ونحوه ووضع كتابه في: 'خلع النعلين، واقتباس النور من موضع القدمين' من مثل هذا الكلام. ومن هنا دخل أهل الإلحاد من أهل الحلول والوحدة والاتحاد، حتى آل الأمر بهم إلى أن جعلوا وجود المخلوقات عين وجود الخالق سبحانه وتعالى، كما فعل صاحب 'الفصوص' ابن عربي وابن سبعين وأمثالهما من الملاحدة المنتسبين إلى التصوف والتحقيق.

وهم من جنس الملاحدة المنتسبين إلى التشيع، لكن تظاهر هؤلاء من أقوال شيوخ الصوفية وأهل المعرفة بما التبس به حالهم على كثير من أهل العلم المنتسبين إلى العلم والدين، بخلاف أولئك الذين تظاهروا بمذهب التشيع، فإن نفور الجمهور عن مذهب الرافضة مما نفر الجمهور عن


(١) المدثر الآية (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>