للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرسول والجهاد لأعدائه، إلا بالمعقول الصريح المناقض لما ادعوه من العقليات، وتبين أن المعقول الصريح مطابق لما جاء به الرسول، لا يناقضه ولا يعارضه، وأنه بذلك تبطل حجج الملاحدة، وينقطع الكفار، فتحصل مطابقة العقل للسمع، وانتصار أهل العلم والإيمان على أهل الضلال والإلحاد، ويحصل بذلك الإيمان بكل ما جاء به الرسول، واتباع صريح المعقول، والتمييز بين البينات والشبهات. (١)

- وقال رحمه الله: ومن تدبر كلام هؤلاء الطوائف -بعضهم مع بعض- تبين له أنهم لا يعتصمون فيما يخالفون به الكتاب والسنة إلا بحجة جدلية يسلمها بعضهم لبعض، وآخر منتهاهم: حجة يحتجون بها في إثبات حدوث العالم لقيام الأكوان به أو الأعراض، ونحو ذلك من الحجج التي هي أصل الكلام المحدث، الذي ذمه السلف والأئمة، وقالوا: إنه جهل، وإن حكم أهله: "أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام". ولكن من عرف حقائق ما انتهى إليه هؤلاء الفضلاء الأذكياء، ازداد بصيرة وعلما ويقينا بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وبأن ما يعارضون به الكتاب والسنة من كلامهم الذي يسمونه عقليات: هي من هذا الجنس الذي لا ينفق إلا بما فيه من الألفاظ المجملة المشتبهة، مع من قلت معرفته بما جاء به الرسول وبطرق إثبات ذلك، ويتوهم أن بمثل هذا الكلام يثبت معرفة الله وصدق رسله، وأن الطعن في ذلك طعن فيما به يصير العبد مؤمنا، فيتعجل رد كثير مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لظنه أنه بهذا


(١) درء التعارض (١/ ٣٧٣ - ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>