للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء إلا وهو: إما حائر شاك، وإما متناقض يقول قولا ويقول ما يناقضه، فيلزم بطلان أحد القولين أو كلاهما، لا يخرجون عن الجهل البسيط مع كثرة النظر والكلام، أو عن الجهل المركب الذي هو ظنون كاذبة، وعقائد غير مطابقة، وإن كانوا يسمون ذلك براهين عقلية، وأدلة يقينية، فهم أنفسهم ونظراؤهم يقدحون فيها، ويبينون أنها شبهات فاسدة، وحجج عن الحق حائدة.

وهذا الأمر يعرفه كل من كان خبيرا بحال هؤلاء، بخلاف أتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - المتبعين له، فإنهم ينكشف لهم أن ما جاء به الرسول، هو الموافق لصريح المعقول، وهو الحق الذي لا اختلاف فيه ولا تناقض. (١)

- وقال: وهذا موجود في عامة كتب أهل الكلام والفلسفة: متقدميهم ومتأخريهم إلى كتب الرازي والآمدي ونحوها، وليس فيها من أمهات الأصول الكلية والإلهية القول الذي هو الحق، بل تجد كل ما يذكرونه من المسائل وأقوال الناس فيها، إما أن يكون الكل خطأ، وإما أن يذكروا القول الصواب من حيث الجملة، مثل إطلاق القول بإثبات الصانع، وأنه لا إله إلا هو، وأن محمدا رسول الله، لكن لا يعطون هذا القول حقه: لا تصورا ولا تصديقا، فلا يحققون المعنى الثابت في نفس الأمر من ذلك، ولا يذكرون الأدلة الدالة على الحق، وربما بسطوا الكلام في بعض المسائل الجزئية التي لا ينتفع بها وحدها، بل قد لا يحتاج إليها. وأما المطالب العالية، والمقاصد السامية، من معرفة الله تعالى والإيمان به وملائكته وكتبه ورسله واليوم


(١) درء التعارض (٧/ ٢٨٣ - ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>