إن النبوة عبارة عن ثلاث صفات، من حصلت له فهو نبي: أن يكون له قوة قدسية حدسية ينال بها العلم بلا تعلم، وأن تكون نفسه قوية لها تأثير في هيولي العالم، وأن يكون له قوة يتخيل بها ما يعقله، ومرئيا في نفسه، ومسموعا في نفسه. هذا كلام ابن سينا وأمثاله في النبوة، وعنه أخذ ذلك الغزالي في كتبه 'المضنون به على غير أهلها'. (١)
- وجاء في مجموع الفتاوى: وحدثني الثقة أنه قرأ عليه 'فصوص الحكم' لابن عربي، وكان يظنه من كلام أولياء الله العارفين. فلما قرأه رآه يخالف القرآن، قال: فقلت له: هذا الكلام يخالف القرآن فقال: القرآن كله شرك، وإنما التوحيد في كلامنا، وكان يقول ثبت عندنا في الكشف ما يخالف صريح المعقول، وحدثني من كان معه ومع آخر نظير له، فمرا على كلب أجرب ميت بالطريق عند دار الطعم، فقال له رفيقه: هذا أيضا هو ذات الله؟ فقال: وهل ثم شيء خارج عنها؟ نعم، الجميع في ذاته.
وهؤلاء حقيقة قولهم هو قول فرعون، لكن فرعون ما كان يخاف أحدا فينافقه، فلم يثبت الخالق وإن كان في الباطن مقرا به، وكان يعرف أنه ليس هو إلا مخلوق، لكن حب العلو في الأرض، والظلم دعاه إلى الجحود والإنكار كما قال: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ