حسن وقبيح، ومدح وذم، إنما المتصف به عندهم عين الخالق.
ثم قال ابن تيمية: ويكفيك بكفرهم أن من أخف أقوالهم: إن فرعون مات مؤمنا بريئا من الذنوب، كما قال -يعني ابن عربي-: وكان موسى قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق، فقبضه طاهرا مطهرا، ليس فيه شيء من الخبث قبل أن كتب عليه شيء من الآثام، والإسلام يجب ما قبله. وقد علم بالاضطرار من دين أهل الملل: المسلمين واليهود والنصارى أن فرعون من أكفر الخلق.
واستدل ابن تيمية على ذلك بما تقوم به الحجة، ثم قال: فإذا جاءوا إلى أعظم عدو لله من الإنس والجن، أو من هو من أعظم أعدائه، فجعلوه مصيبا محقا فيما كفره به الله، علم أن ما قالوه أعظم من كفر اليهود والنصارى، فكيف بسائر مقالاتهم؟
وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن الخالق تعالى بائن من مخلوقاته، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، والسلف والأئمة كفروا الجهمية لما قالوا إنه حال في كل مكان، فكان مما أنكروه عليهم، أنه كيف يكون في البطون والحشوش والأخلية، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، فكيف من جعله نفس وجود البطون والحشوش والأخلية والنجاسات والأقذار؟
ثم قال ابن تيمية: وأين المشبهة المجسمة من هؤلاء؟ فإن أولئك غاية كفرهم أن جعلوه مثل المخلوقات، لكن يقولون: هو قديم وهي محدثة، وهؤلاء جعلوه عين المحدثات، وجعلوه نفس المصنوعات، ووصفوه بجميع النقائص والآفات التي يوصف بها كل فاجر وكافر وكل شيطان، وكل سبع