للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣)} (١).

وكانوا مقرين بأن الله خالق السموات والأرض وخالق الأصنام كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (٢). واستدل على ذلك بغير هذه الآية.

ثم قال: وهؤلاء أعظم كفرا من جهة أن هؤلاء جعلوا عابد الأصنام عابدا لله لا عابدا لغيره، وأن الأصنام من الله تعالى بمنزلة أعضاء الإنسان من الإنسان، ومنزلة قوى النفس من النفس، وعباد الأصنام اعترفوا بأنها غيره وأنها مخلوقة. ومن جهة أن عباد الأصنام من العرب كانوا مقرين بأن للسماوات والأرض ربا غيرهما هو خالقهما، وهؤلاء ليس عندهم للسماوات والأرض وسائر المخلوقات مغاير للسماوات والأرض وسائر المخلوقات، بل المخلوق هو الخالق. ولهذا جعل أهل قوم عاد وغيرهم من الكفار على صراط مستقيم، وجعلهم في القرب، وجعل أهل النار يتنعمون في النار كما يتنعم أهل الجنة في الجنة، وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن قوم عاد وثمود وفرعون وقومه وسائر من قص الله تعالى قصته من أعداء الله تعالى، وأنهم معذبون في الآخرة، وأن الله لعنهم وغضب عليهم، فمن أثنى عليهم وجعلهم من المقربين ومن أهل النعيم فهو أكفر من اليهود والنصارى.

وهذه الفتوى لا تحتمل بسط كلام هؤلاء وبيان كفرهم وإلحادهم،


(١) الزمر الآية (٤٣).
(٢) الزمر الآية (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>