للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقلا مجردا، مثل كتاب'المقالات' لأبي الحسن الأشعري، وكتاب 'الملل والنحل' للشهرستاني، ولأبي عيسى الوراق، أو مع انتصار لبعض الأقوال، كسائر ما صنفه أهل الكلام على اختلاف طبقاتهم -فرأيت عامة الاختلاف التي فيها من الاختلاف المذموم، وأما الحق الذي بعث الله به رسوله، وأنزل به كتابه، وكان عليه سلف الأمة- فلا يوجد فيها في جميع مسائل الاختلاف، بل يذكر أحدهم في المسألة عدة أقوال، والقول الذي جاء به الكتاب والسنة لا يذكرونه، وليس ذلك لأنهم يعرفونه ولا يذكرونه، بل لا يعرفونه.

ولهذا كان السلف والأئمة يذمون هذا الكلام، ولهذا يوجد الحاذق منهم المنصف الذي غرضه الحق في آخر عمره يصرح بالحيرة والشك، إذ لم يجد في الاختلافات التي نظر فيها وناظر ما هو حق محض. وكثير منهم يترك الجميع ويرجع إلى دين العامة الذي عليه العجائز والأعراب.

كما قال أبو المعالي وقت السياق: (لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذي نهوني عنه. والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي).

وكذلك أبو حامد في آخر عمره استقر أمره على الوقف والحيرة، بعد أن نظر فيما كان عنده من طرق النظار: أهل الكلام والفلسفة، وسلك ما تبين له من طرق العبادة والرياضة والزهد، وفي آخر عمره اشتغل بالحديث: بالبخاري ومسلم.

وكذلك الشهرستاني، مع أنه كان من أخبر هؤلاء المتكلمين بالمقالات

<<  <  ج: ص:  >  >>