للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (١٧٦)} (١).اهـ (٢)

- وقال وهو يتحدث عن امتحان ابن تومرت: ... وإنه كان لهم يسمونه يوم الفرقان، فرق فيه بين أهل الجنة وأهل النار بزعمه، فصار كل من علموا أنه من أوليائهم جعلوه من أهل الجنة، وعصموا دمه، ومن علموا أنه من أعدائهم جعلوه من أهل النار، فاستحلوا دمه، واستحل دماء ألوف مؤلفة من أهل المغرب المالكية، الذين كانوا من أهل الكتاب والسنة على مذهب مالك وأهل المدينة، يقرؤون القرآن والحديث كالصحيحين، والموطأ وغير ذلك، والفقه على مذهب أهل المدينة، فزعم أنهم مشبهة مجسمة ولم يكونوا من أهل المقالة، ولا يعرف عن أحد من أصحاب مالك إظهار القول بالتشبيه والتجسيم. واستحل أيضا أموالهم، وغير ذلك من المحرمات بهذا التأويل ونحوه، من جنس ما كانت تستحله الجهمية المعطلة -كالفلاسفة والمعتزلة، وسائر نفاة الصفات- من أهل السنة والجماعة، لما امتحنوا الناس في "خلافة المأمون" وأظهروا القول بأن القرآن مخلوق، وأن الله لا يرى في الآخرة، ونفوا أن يكون لله علم، أو قدرة أو كلام أو مشيئة أو شيء من الصفات القائمة بذاته. وصار كل من وافقهم على هذا التعطيل عصموا دمه وماله، وولوه الولايات وأعطوه الرزق من بيت المال، وقبلوا شهادته وافتدوه من الأسر، ومن لم يوافقهم على أن القرآن مخلوق وما يتبع ذلك من بدعهم قتلوه، أو حبسوه أو ضربوه أو منعوه العطاء من بيت المال، ولم يولوه ولاية،


(١) البقرة الآية (١٧٦).
(٢) درء التعارض (٢/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>