للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعاقب معتد، ولا يعاقب مسيء لا بمثل إساءته، ولا بأكثر منها. (١)

- وفيها: ولا يوجد أحد يحتج بالقدر في ترك الواجب وفعل المحرم، إلا وهو متناقض، لا يجعله حجة في مخالفة هواه، بل يعادي من آذاه وإن كان محقا، ويحب من وافقه على غرضه وإن كان عدوا لله، فيكون حبه وبغضه، وموالاته ومعاداته، بحسب هواه وغرضه وذوق نفسه ووجده، لا بحسب أمر الله ونهيه، ومحبته وبغضه، وولايته وعداوته. إذ لا يمكنه أن يجعل القدر حجة لكل أحد. فإن هذا مستلزم للفساد، الذي لا صلاح معه، والشر الذي لا خير فيه، إذ لو جاز أن يحتج كل أحد بالقدر لما عوقب معتد، ولا اقتص من ظالم باغ، ولا أخذ لمظلوم حقه من ظالمه، ولفعل كل أحد ما يشتهيه، من غير معارض يعارضه فيه، وهذا فيه من الفساد: ما لا يعلمه إلا رب العباد. (٢)

- وفيها سؤال في القدر أورده أحد علماء الذميين فقال:

أيا علماء الدين، ذمي دينكم ... تحير دلوه بأوضح حجة

إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكم ... ولم يرضه مني فما وجه حيلتي؟

دعاني، وسد الباب عني، فهل إلى ... دخولي سبيل؟ بينوا لي قضيتي

قضى بضلالي ثم قال: ارض بالقضا ... فما أنا راض بالذي فيه شقوتي

فإن كنت بالمقضي يا قوم راضيا ... فربي لا يرضى بشؤم بليتي

فهل لي رضا ما ليس يرضاه سيدي؟ ... فقد حرت دلوني على كشف حيرتي

إذا شاء ربي الكفر مني مشيئة ... فهل أنا عاص في اتباع المشيئة؟


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢/ ٤٠٩ - ٤١٠).
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>