للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحزبه، بل دخلوا في سب وبغض، ثم صار اليوم شيعة زماننا يكفرون الصحابة، ويبرؤون منهم جهلا وعدوانا، ويتعدون إلى الصديق قاتلهم الله. وأما نواصب وقتنا فقليل، وما علمت فيهم من يكفر عليا ولا صحابيا. (١)

- وقال في موضع آخر من السير: وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلونه، إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء، وإما قد ولدوا في الشام على حبه، وتربى أولادهم على ذلك، وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة وعدد كثير من التابعين والفضلاء، وحاربوا معه أهل العراق ونشأوا على النصب نعوذ بالله من الهوى، كما قد نشأ جيش علي - رضي الله عنه - ورعيته -إلا الخوارج منهم- على حبه والقيام معه وبغض من بغى عليه والتبري منهم، وغلا خلق منهم في التشيع، فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد فيه إلا غاليا في الحب مفرطا في البغض، ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال؟ فنحمد الله على العافية، الذي أوجدنا في زمن قد انمحص فيه الحق واتضح من الطرفين، وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين، وتبصرنا فعذرنا، واستغفرنا وأحببنا باقتصاد، وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة أو بخطأ إن شاء الله مغفور، وقلنا كما علمنا الله: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا} (٢). وترضينا أيضا عمن اعتزل الفريقين كسعد بن أبي وقاص وابن


(١) السير (٥/ ٣٧٤).
(٢) الحشر الآية (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>