للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو جنون واختلاط، أو جفاف يوجب للمرء سماع خطاب لا وجود له أبدا في الخارج، فيظن صاحبه أنه خطاب إِلِّي (١). كلا والله. (٢)

- وقال: قيل: إنه عمل له خلوة، فبقي خمسين يوما لا يأكل شيئا. وقد قلنا: إن هذا الجوع المفرط لا يسوغ، فإذا كان سرد الصيام والوصال قد نهي عنهما، فما الظن؟ وقد قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع» (٣). ثم قل من عمل هذه الخلوات المبتدعة إلا واضطرب، وفسد عقله، وجف دماغه، ورأى مرأى، وسمع خطابا لا وجود له في الخارج، فإن كان متمكنا من العلم والإيمان، فلعله ينجو بذلك من تزلزل توحيده، وإن كان جاهلا بالسنن وبقواعد الإيمان، تزلزل توحيده، وطمع فيه الشيطان، وادعى الوصول، وبقي على مزلة قدم، وربما تزندق، وقال أنا هو. نعوذ بالله من النفس الأمارة، ومن الهوى، ونسأل الله أن يحفظ علينا إيماننا آمين. (٤)

- وقال رحمه الله: أما 'الإحياء' ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائق الحكماء ومنحرفي الصوفية، نسأل الله علما نافعا، تدري ما العلم النافع؟ هو ما نزل به القرآن، وفسره الرسول - صلى الله عليه وسلم - قولا وفعلا، ولم يأت نهي عنه، قال عليه السلام: «من


(١) أي إلهي.
(٢) السير (١٧/ ٣٩١).
(٣) أبو داود (٢/ ١٩١/١٥٤٧) والنسائي (٨/ ٦٥٦/٥٤٨٣) وابن ماجه (٢/ ١١١٣/٣٣٥٤) وابن حبان (٣/ ٣٠٤/١٠٢٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) السير (١٧/ ٥٧٦ - ٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>