للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأجسام، وأنها أضر في الدين من الزنى والسرقة وسائر المعاصي والآثام، فإن هذه المعاصي كلها معلوم قبحها، عند من يرتكبها ويجتلبها، فلا يلبس مرتكبها على أحد، وترجى له التوبة منها والإقلاع عنها. وصاحب هذه البدعة يرى أنها أفضل الطاعات، وأعلى القربات، فباب التوبة عنده مسدود، وهو عنه شرود مطرود. فكيف ترجى له منها التوبة، وهو يعتقد أنها طاعة وقربة، بل هو ممن قال الله فيهم: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤)} (١)، وممن قال فيهم: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا} (٢). ثم ضرر المعاصي إنما هي في أعمال الجوارح الظاهرة، وضرر هذه البدع إنما هي في الأصول التي هي العقائد الباطنة، فإذا فسد الأصل، ذهب الفرع والأصل، وإذا فسد الفرع بقي الأصل يرجى أن ينجبر الفرع وإن لم ينجبر الفرع، لم تذهب منفعة الأصل. ثم إن الذي يغوي الناس ويدعوهم إلى بدعته، يكون عليه وزره ووزر من استن بسنته، قال الله العظيم: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٢٥)} وقال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ


(١) الكهف الآيتان (١٠٣ و١٠٤).
(٢) فاطر الآية (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>