للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحبهم، وناصر طريقتهم وسنتهم، وعلى هديهم ومنهاجهم. وهؤلاء المشركون أعصى الناس لهم، وأبعدهم من هديهم ومتابعتهم. كالنصارى مع المسيح، واليهود مع موسى، والرافضة مع علي، وأهل الحق أولى بأهل الحق من أهل الباطل. {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (١) و {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} (٢).

فاعلم أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن، فتجد أكثر هؤلاء العاكفين على القبور معرضين عن طريقة من فيها وهديه وسنته، مشتغلين بقبره عما أمر به ودعا إليه، وتعظيم الأنبياء والصالحين ومحبتهم إنما هي باتباع ما دعوا إليه من العلم النافع، والعمل الصالح، واقتفاء آثارهم، وسلوك طريقتهم، دون عبادة قبورهم، والعكوف عليها، واتخاذها أعيادا. فإن من اقتفى آثارهم كان متسببا إلى تكثير أجورهم باتباعه لهم، ودعوته الناس إلى اتباعهم فإذا أعرض عما دعوا إليه، واشتغل بضده حرم نفسه وحرمهم ذلك الأجر. فأي تعظيم لهم واحترام في هذا؟.

وإنما اشتغل كثير من الناس بأنواع من العبادات المبتدعة التي يكرهها الله ورسوله. لإعراضهم عن المشروع أو بعضه، وإن قاموا بصورته الظاهرة فقد هجروا حقيقته المقصودة منه، وإلا فمن أقبل على الصلوات الخمس بوجهه وقلبه، عارفا بما اشتملت عليه من الكلم الطيب والعمل الصالح،


(١) التوبة الآية (٧١).
(٢) التوبة الآية (٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>