للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذرية، ولهذا قال له: (أخرجتنا ونفسك من الجنة) وفي لفظ (خيبتنا).

فاحتج آدم بالقدر على المصيبة، وقال: إن هذه المصيبة التي نالت الذرية بسبب خطيئتي كانت مكتوبة بقدره قبل خلقي، والقدر يحتج به في المصائب دون المعائب، أي أتلومني على مصيبة قدرت علي وعليكم قبل خلقي بكذا وكذا سنة.

إلى أن قال: ونكتة المسألة أن اللوم إذا ارتفع صح الاحتجاج بالقدر، وإذا كان اللوم واقعا فالاحتجاج بالقدر باطل. (١)

- وقال: والفرقة الثانية غلاة القدرية الذين اتفق السلف على كفرهم، وحكموا بقتلهم، الذين يقولون: لا يعلم أعمال العباد حتى يعملوها، ولم يعلمها قبل ذلك ولا كتبها ولا قدرها، فضلا عن أن يكون شاءها وكونها. وقول هؤلاء معلوم البطلان بالضرورة من أديان جميع المرسلين، وكتب الله المنزلة. وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - مملوء بتكذيبهم وإبطال قولهم، وإثبات عموم علمه الذي لا يشاركه فيه خلقه، ولا يحيطون بشيء منه إلا بما شاء أن يطلعهم عليه ويعلمهم به. وما أخفاه عنهم ولم يطلعهم عليه ولا نسبة لما عرفوه إليه إلا دون نسبة قطرة واحدة إلى البحار كلها، كما قال الخضر لموسى، وهما أعلم أهل الأرض حينئذ: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من البحر. (٢)


(١) شفاء العليل (١/ ٥٥ - ٥٧).
(٢) جزء من حديث طويل لابن عباس أخرجه: أحمد (٥/ ١١٧ - ١١٨) والبخاري (٨/ ٥٢٢ - ٥٢٣/ ٤٧٢٥) ومسلم (٤/ ١٨٤٧ - ١٨٥٠/ ٢٣٨٠) والترمذي (٥/ ٢٨٩ - ٢٩٢/ ٣١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>