للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم القيامة حين يسألهم ماذا أجبتم: {قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (١).

وهذا هو الأدب المطابق للحق في نفس الأمر، فإن علومهم وعلوم الخلائق تضمحل وتتلاشى في علمه سبحانه كما يضمحل ضوء السراج الضعيف في عين الشمس. فمن أظلم الظلم وأبين الجهل وأقبح القبيح وأعظم القحة والجراءة أن يعترض من لا نسبة لعلمه إلى علوم الناس التي لا نسبة لها إلى علوم الرسل التي لا نسبة لها إلى علم رب العالمين عليه، ويقدح في حكمته، ويظن أن الصواب والأولى أن يكون غير ما جرى به قلمه وسبق به علمه، وأن يكون الأمر بخلاف ذلك. فسبحان الله رب العالمين تنزيها لربوبيته وإلهيته وعظمته وجلاله عما لا يليق به من كل ما نسبه إليه الجاهلون الظالمون. (٢)

- وقال: والقول الحق في هذه الأقوال كيوم الجمعة في الأيام أضل الله عنه أهل الكتابين قبل هذه الأمة وهداهم إليه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجمعة: «أضل الله عنها من كان قبلنا فاليوم لنا وغدا لليهود وبعد غد للنصارى». (٣)

ونحن هكذا نقول بحمد الله، ومنه القول الوسط الصواب لنا، وإنكار الفاعل بالمشيئة والاختيار لأعداء الرسل، وإنكار الحكمة والمصلحة والتعليل والأسباب للجهمية والجبرية، وإنكار عموم القدرة والمشيئة العائدة إلى الرب


(١) المائدة الآية (١٠٩).
(٢) شفاء العليل (٢/ ٧٩ - ٨١).
(٣) أخرجه من حديث أبي هريرة: مسلم (٢/ ٥٨٦/٨٥٦) والنسائي (٣/ ٩٧/١٣٦٧) وابن ماجه (١/ ٣٤٤/١٠٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>