للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاف ذلك، فقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (١)، كقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} (٢).اهـ (٣)

- وقال رحمه الله: فإن أول بدعة وقعت في الإسلام فتنة الخوارج، وكان مبدؤهم بسبب الدنيا حين قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائم حنين، فكأنهم رأوا في عقولهم الفاسدة أنه لم يعدل في القسمة، ففاجئوه بهذه المقالة، فقال قائلهم -وهو ذو الخويصرة- بقر الله خاصرته -: اعدل فإنك لم تعدل. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني؟! ... » فلما قفا الرجل استأذن عمر بن الخطاب -وفي رواية خالد بن الوليد- رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتله، فقال: «دعه فإنه يخرج من ضئضىء هذا -أي من جنسه - قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم» (٤).

ثم كان ظهورهم أيام علي بن أبي طالب وقتلهم بالنهروان، ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة، ثم نبعت القدرية، ثم المعتزلة، ثم الجهمية، وغير ذلك من البدع التي أخبر عنها الصادق


(١) الأحزاب الآية (٣٦).
(٢) النور الآية (٦٣).
(٣) تفسير ابن كثير (٦/ ٤١٩).
(٤) انظر تخريجه في مواقف ابن تيمية سنة (٧٢٨هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>