هذه البلاد كانت الصحابة قد فتحوها وصارت دار إسلام، وأخذوا من أموال المسلمين ما لا يحد ولا يوصف، وكادوا أن يتغلبوا على دمشق ولكن الله سلم. وحين زالت أيامهم وانتقض إبرامهم، أعاد الله عز وجل هذه البلاد كلها إلى المسلمين بحوله وقوته وجوده ورحمته. وقد قال الشاعر المعروف عرقلة:
أصبح الملك بعد آل علي ... مشرقا بالملوك من آل شادي
وغدا الشرق يحسد الغر ... ب للقوم فمصر تزهو على بغداد
ما حووها إلا بعزم وحزم ... وصليل الفولاذ في الأكباد
لا كفرعون والعزيز ومن ... كان بها كالخطيب والأستاذ
قال أبو شامة: يعني بالأستاذ كافور الإخشيدي، وقوله: آل علي، يعني الفاطميين على زعمهم ولم يكونوا فاطميين وإنما كانوا ينسبون إلى عبيد، وكان اسمه سعيدا وكان يهوديا حدادا بسلمية، ثم ذكر ما ذكرناه من كلام الأئمة فيهم وطعنهم في نسبهم.
قال: وقد استقصيت الكلام في مختصر تاريخ دمشق في ترجمة عبد الرحمن بن إلياس، ثم ذكر في الروضتين في هذا الموضع أشياء كثيرة في غضون ما سقته من قبائحهم وما كانوا يجهرون به في بعض الأحيان من الكفريات، وقد تقدم من ذلك شيء كثير في تراجمهم.
قال أبو شامة: وقد أفردت كتابا سميته: 'كشف ما كان عليه بنو عبيد من الكفر والكذب والمكر والكيد'. وكذا صنف العلماء في الرد عليهم كتبا كثيرة من أجل ما وضع في ذلك: كتاب القاضي أبو بكر الباقلاني الذي