للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وفيها: وهذا الحديث من دلائل النبوة حيث أخبر صلوات الله وسلامه عليه عن عمار أنه تقتله الفئة الباغية (١)، وقد قتله أهل الشام في وقعة صفين وعمار مع علي وأهل العراق كما سيأتي بيانه وتفصيله في موضعه. وقد كان علي أحق بالأمر من معاوية، ولا يلزم من تسمية أصحاب معاوية بغاة تكفيرهم كما يحاوله جهلة الفرقة الضالة من الشيعة وغيرهم، لأنهم وإن كانوا بغاة في نفس الأمر فإنهم كانوا مجتهدين فيما تعاطوه من القتال، وليس كل مجتهد مصيبا، بل المصيب له أجران والمخطئ له أجر؛ ومن زاد في هذا الحديث بعد «تقتلك الفئة الباغية»: «لا أنالها الله شفاعتي يوم القيامة» فقد افترى في هذه الزيادة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لم يقلها إذ لم تنقل من طريق تقبل والله أعلم. وأما قوله: «يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار»، فإن عمارا وأصحابه يدعون أهل الشام إلى الألفة واجتماع الكلمة. وأهل الشام يريدون أن يستأثروا بالأمر دون من هو أحق به، وأن يكون الناس أوزاعا على كل قطر إمام برأسه، وهذا يؤدي إلى افتراق الكلمة واختلاف الأمة، فهو لازم مذهبهم وناشئ عن مسلكهم، وإن كانوا لا يقصدونه والله أعلم. (٢)

- وفيها: وفي الصحيحين أيضا من حديث الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه. قال: خطبنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فقال: "من زعم أن عندنا شيئا نقرأه ليس في كتاب الله وهذه الصحيفة -لصحيفة معلقة في سيفه فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات- فقد كذب". وفيها قال: قال رسول


(١) تقدم تخريجه ضمن مواقف الإمام أحمد سنة (٢٤١هـ).
(٢) البداية (٣/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>