للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخرون.

- وروى ابن جرير من طريق جويبر، عن الحسن البصري أنه كان يقول: الكرسي هو العرش. والصحيح أن الكرسي غير العرش، والعرش أكبر منه، كما دلت على ذلك الآثار والأخبار، وقد اعتمد ابن جرير على حديث عبد الله ابن خليفة، عن عمر في ذلك، وعندي في صحته نظر، والله أعلم ... وهذه الآيات (١) وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأجود فيها طريقة السلف الصالح إمرارها كما جاءت، من غير تكييف ولا تشبيه. (٢)

- وقال في البداية: وكان الأخطل من نصارى العرب المتنصرة، قبحه الله وأبعد مثواه، وهو الذي أنشد بشر بن مروان قصيدته التي يقول فيها:

قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق

وهذا البيت تستدل به الجهمية على أن الاستواء على العرش بمعنى الاستيلاء، وهذا من تحريف الكلم عن مواضعه، وليست في بيت هذا النصراني حجة ولا دليل على ذلك، ولا أراد الله عز وجل باستوائه على عرشه استيلاءه عليه، تعالى الله عن قول الجهمية علوا كبيرا، فإنه إنما يقال استوى على الشيء: إذا كان ذلك الشيء عاصيا عليه قبل استيلائه عليه، كاستيلاء بشر على العراق، واستيلاء عبد الملك على المدينة بعد عصيانها عليه، وعرش الرب لم يكن ممتنعا عليه نَفَسا واحدا، حتى يقال استوى عليه، أو معنى الاستواء الاستيلاء، ولا تجد أضعف من حجج الجهمية، حتى أداهم


(١) يعني آية الكرسي.
(٢) تفسير القرآن العظيم (١/ ٤٥٨ - ٤٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>