للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} (١) ولهذا امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نكفر أحدا بذنب، بل يقال: لا نكفرهم بكل ذنب، كما تفعله الخوارج. وفرق بين النفي العام ونفي العموم. والواجب إنما هو نفي العموم، مناقضة لقول الخوارج الذين يكفرون بكل ذنب. ولهذا -والله اعلم- قيده الشيخ رحمه الله بقوله: ما لم يستحله، وفي قوله: ما لم يستحله، إشارة إلى أن مراده من هذا النفي العام لكل ذنب من الذنوب العملية لا العلمية. وفيه إشكال فإن الشارع لم يكتف من المكلف في العمليات بمجرد العمل دون العلم، ولا في العلميات بمجرد العلم دون العمل، وليس العمل مقصورا على عمل الجوارح، بل أعمال القلوب أصل لعمل الجوارح، وأعمال الجوارح تبع. إلا أن يضمن قوله: يستحله، بمعنى يعتقده، أو نحو ذلك. (٢)

وقال: فقوله: وأهل الكبائر من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في النار لا يخلدون، إذا ماتوا وهم موحدون، رد لقول الخوارج والمعتزلة، القائلين بتخليد أهل الكبائر في النار. لكن الخوارج تقول بتكفيرهم، والمعتزلة بخروجهم عن الإيمان، لا بدخولهم في الكفر، بل لهم منزلة بين منزلتين، كما تقدم عند الكلام على قول الشيخ رحمه الله: ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله. (٣)

- وقال: فقد دل الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولي الأمر، ما لم


(١) الأنعام الآية (٦٨).
(٢) (ص.٣١٦ - ٣١٧).
(٣) شرح الطحاوية (ص.٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>