للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر أئمة الحديث ما يتقضى ذلك، فإنهم يجمعون على أن أبا عبد الله الحاكم بن البيع من أئمة الحديث مع معرفتهم أنه من الشيعة، وقد ذكروا في كتب الرجال كثيرا من أئمة الحديث، ورواة الصحيح منسوبا إلى البدع. وبهذا يزداد قول المعترض بطلانا في نسبة المحدثين إلى الحشوية، ويظهر له أنه قد نسب إلى الحشو جماعة من أهل مذهبه وسائر الفرق، بل نسبة ذلك إلى خير القرون، فإن المتمكن من الآثار النبوية هم خير الفرق الإسلامية، لأنهم أشبه الخلق خلقا وسيرة وعقيدة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

والمحدث إن كان مراعيا للسنة مجانبا للبدعة ملاحظا لما كان عليه السلف فهو جدير بإجماع من يعتد به بصحة ما هو عليه وقوة ما استند إليه، وإن كان من بعض الفرق المبتدعة، فهو خير تلك الفرقة وأشبههم خلقا وسيرة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا هو الغالب، ولا عبرة بالنادر ولا بمن ليس من أهل الديانة، فنسبة خير الفرق إلى شر فرقة وتلقيبهم بأخس لقب من التهافت في مهاوي الضلال، والخبط في تيه الوبال.

ويلحق بهذا فائدة تزيد ما ذكرناه تحقيقا وتزيد أئمة الحديث توثيقا، وهي أن من المشهور بتجويز الكذب في الحديث من الحشوية الطائفة المعروفة بالكرامية، وقد يطلق الرازي نسبة هذا إلى الكرامية، وحققه الإمام أبو بكر محمد بن منصور السمعاني فنسبه إلى بعضهم فيما لا يتعلق بالأحكام مما يتعلق بالترغيب والترهيب، والمحدثون براء من هذه الطائفة، وقد تكلموا عليهم في غير كتاب؛ ممن تكلم عليهم الذهبي في 'ميزان الاعتدال' فإنه قال في ترجمة ابن كرام شيخ هذه الطائفة ما لفظه: محمد بن كرام العابد المتكلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>