مشركين، وأخرجتهم -وحاشاهم عن ذلك- عن دائرة الإسلام والدين، حيث جعلتهم أندادا لله راضين فرحين، وزعمت أن هذه كرامات لهؤلاء المجاذيب الضلال المشركين، التابعين لكل باطل، المنغمسين في بحار الرذائل، الذين لا يسجدون لله سجدة، ولا يذكرون الله وحده، فإن زعمت هذا فقد أثبت الكرامات للمشركين الكافرين وللمجانين، وهدمت بذلك ضوابط الإسلام وقواعد الدين المبين، والشرع المتين. وإذا عرفت بطلان هذين الأمرين، علمت أن هذه أحوال وأفعال طاغوتية، وأعمال إبليسية، يفعلها الشياطين لإخوانهم من هؤلاء الضالين، معاونة من الفريقين، وقد ثبت في الأحاديث أن الشياطين والجان يتشكلون بأشكال الحية والثعبان، وهذا أمر مقطوع بوقوعه، فهم الثعابين التي يشاهدها الإنسان في أيدي المجاذيب. وقد يكون ذلك من باب السحر، وهو أنواع، وتعلمه ليس بالعسير، بل بابه الأعظم: هو الكفر بالله، وإهانة ما عظمه الله من جعل مصحف في كنيف ونحوه.
فلا يفتر من يشاهد ما يعظم في عينيه من أحوال المجاذيب من الأمور التي يراها خوارق، فإن للسحر تأثيرا عظيما في الأفعال، وهكذا الذين يقلبون الأعيان بالأسحار وغيرها.
وقد ملأ سحرة فرعون الوادي بالثعابين والحيات حتى أوجس في نفسه خيفة موسى عليه السلام، وقد وصف الله بأنه سحر عظيم، والسحر يفعل أعظم من هذا. (١)