الله عنهم اعتقادهم واحد، فأردت أن أشرح قولي: المالكي مذهباً الحنبلي اعتقاداً؛ وأبين المقصود بذلك والمراد، ليلا يفهمه بعض الناس على غير وجهه؛ وذلك أن الإمام أحمد -ثبت الله المسلمين بثبوته- سد طريق الخوض في علم الكلام، وقال: لا يفلح صاحب الكلام أبدا، ولا ترى أحدا ينظر في علم الكلام إلا وفي قلبه مرض وهجر أبا عبد الله الحارث بن أسد البصري المحاسبي وكان ممن اجتمع له علم الظاهر والباطن وذلك لتصنيفه كتابا في الرد على المبتدعة وقال له ويحك ألست تحكي بدعتهم ألست تحمل الناس بتصنيفك على مطالعة كلام أهل البدعة والتكلم فيه فيدعوهم ذلك إلى الرأي والبحث فاختفى المحاسبي فلما مات لم يصل عليه إلا أربعة، وإلى ذلك ذهب الشافعي ومالك وسفيان وأهل الحديث قاطبة، حتى قال الشافعي رضي الله عنه لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير له من أن يلقاه بشيء من الكلام فلزم الناس السكوت عن الخوض في علم الكلام إلى أن نبغ الإمام الأشعري فاشتغل يرد على المعتزلة أقوالهم الفاسدة ويجيب عن آرائهم الواهية فاتبعه المالكية على ذلك وسموه ناصر السنة وهو ومن ابتعه على صواب موافقين في اعتقادهم للسنة والكتاب لا في الخوض مع الخائضين والتصدي لذكر شبه المبطلين وتخليدها في الأوراق إلى يوم الدين.
وأما الحنابلة فأنكروا ذلك عليه، وفوقوا سهام الانتقاد إليه، وقالوا له كان ينبغي لك أن تسكت كما سكت الأيمة قبلك من السلف الصالح المهتدين الذين يرون أن الخوض في علم الكلام من البدع المحدثة في الدين، أما لك فيهم إسوة أفلا وسعك ما وسعهم من السكوت عن تلك الهفوة. فطريق