ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه:(سيأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من الأمة).
وإنما ذل المؤمن في آخر الزمان لغربته بين أهل الفساد والضلال، ومباينته لهم في قصدهم، ومخالفته طريقهم.
قال أحمد بن أبي عاصم -وكان من كبار العارفين في زمن أبي سليمان الداراني-: إني أدركت من الأزمنة زمانا عاد فيه الإسلام غريبا، وعاد وصف الحق غريبا كما بدأ، إن ترغب فيه إلى عالم وجدته مفتونا بحب الدنيا يحب التعظيم والرياسة، وإن ترغب فيه إلى عابد وجدته جاهلا في عبادته، مخدوعا، صريع عدوه إبليس، قد صعد به إلى أعلى درجات العبادة وهو جاهل بأدناها فكيف له بأعلاها .. إلى آخره. خرجه أبو نعيم في 'الحلية'.
وخرج أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده إلى الحسن قال: لو أن رجلا من الصدر الأول بعث اليوم ما عرف من الإسلام شيئا إلا هذه الصلاة. ثم قال: أما والله لئن عاش على هذه المنكرات فرأى صاحب بدعة يدعو إلى بدعته، وصاحب دنيا يدعو إلى دنياه، فعصمه الله تعالى وقلبه يحن إلى ذكر السلف، فيتبع آثارهم ويستن بسنتهم ويتبع سبليهم؛ كان له أجر عظيم.
ولقد مدح كثير من السلف السنة، ووصفها بالغربة، ووصف أهلها بالقلة، فكان الحسن رحمه الله تعالى يقول لأصحابه: يا أهل السنة ترفقوا رحمكم الله، فإنكم من أقل الناس.
وقال يونس بن عبيد: ليس شيء أغرب من السنة، وأغرب منها من يعرفها. وعن سفيان الثوري قال: استوصوا بأهل السنة خيرا فإنهم غرباء.