كانت الخواص متباعدة فالأصل الجامع لهذا ذات واحدة كذات الإنسان سواء بسواء.
الوجه الثاني: اتحاد ذات العالم في كونه مخلوقاً كله للخالق الواحد سبحانه وتعالى وأثراً لأسمائه، فلا يخرج فرد من أفراد العالم عن هذا الحكم وإن اختلفت أنواعه، فالأصل الذي برز منه واحد. فبهذا النظر هو متساوٍ فيلزم اتحاده وإن اختلفت أجزاؤه، كما ذكر في ذات الإنسان وأنها تختلف نسبه بحسب ما فصلته مشيئة الحق فيه من بين شريف ووضيع، وعالٍ وسافل، وذليل وعزيز، وعظيم الشأن وحقيره، إلى آخر النسب فيه، ولم تخرجه تفرقة النسب عن وحدة ذاتيته، كما أن ذات الإنسان واحدة، ووحدتها لا تنافي اختلاف نسب أجزائها واختصاص كل جزء بخاصية، فإن خاصية اليد غير خاصية الرجل، وخاصيتها غير خاصية العين، وهكذا سائر خواص الأعضاء والأجزاء، وإن ارتفاع وجهه في غاية الشرف، وانخفاض محله في غاية الضعة والإهانة، ولم يخرجه عن كون ذاته واحدة مع اختلاف الخواص مثل ما قلنا في ذات الإنسان ..
ثم قال رضي الله عنه: وهناك وجه ثالث في إيضاحه وهو اتحاد وجوده من حيث فيضان الوجود عليه من حضرة الحق فيضاً متحداً، ثم مثاله في الشاهد مثال المداد، فإن الحروف المتفرقة في المداد والكلمات المتنوعة والمعاني المختلفة التي دلت عليها صوره لم تخرجه عن وحدة مداديته، فإنه ما ثم إلا المداد تصور في أشكاله الدالة على المعاني المختلفة والحروف المتفرقة والخواص المتنوعة غير المؤتلفة ولا المتماثلة، فإنك إذا نظرت إلى عين تلك الصور التي