فلم يزل - صلى الله عليه وسلم - في جدال الكفار على اختلاف مللهم، وتباين نحلهم إلى حين وفاته، وكذلك أصحابه من بعده، ومن تبعهم من أئمة الدين وحماته، وبهذا الأمر قام الدين، واتضح منهاجه للعابدين، وإنما جعل السيف ناصرا للحجة والبرهان، مسهلا طريق البلاغ إلى المكلفين بالسنة والقرآن، وأعدل السيوف سيف ينصر حجج الله وبيناته، وهو سيف رسوله وأتباعه، الذين بذلوا نفوسهم لله ابتغاء مرضاته. (١)
- وقال: والمقصود أن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - موافقة لدين المسيح في التوحيد، وأصول الديانات، وإن خالفته في بعض ما دون ذلك من الشرائع، لكنها مخالفة لما ابتدعه ضلال النصارى، واخترعوه من قبل أنفسهم، وبدلوا به دين المسيح من الغلو في المخلوق حتى أنزلوه منزلة الخالق وادعوا أنه الله، وأنه ابن الله، تعالى الله وتقدس، وتنزه عن قولهم علوا كبيرا، وكذا ما بدلوه من فروع دين المسيح عليه السلام، كاستحلال الميتة والخنزير، وإحداث البدع في العبادات، مما نسخوا به دين المسيح عليه السلام، فبعث الله رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وإلى متابعة عبده ورسوله المسيح عيسى ابن مريم، وتصديقه في بشارته بخاتم الرسل وسيدهم في الدنيا والآخرة الذي هو أولى الناس به، كما ثبت عن رسول الله صلى عليه وسلم أنه قال:«أنا أولى الناس بابن مريم في الدنيا والآخرة، ليس بيني وبينه نبي، والأنبياء إخوة أبناء علات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد» أخرجه البخاري