للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقلناه عن أئمة المذاهب الأربعة من تقديم النص على آرائهم، فقد قدمنا لك أيضا حكاية الإجماع على منعهم التقليد، وحكينا لك ما قاله الإمام أبو حنيفة وما قاله إمام دار الهجرة مالك بن أنس من ذلك، أو لاح لك مما نقلناه قريبا ما يقوله الإمام محمد بن إدريس الشافعي من منع التقليد.

وقد قال المزني في أول مختصره ما نصه (اختصرت هذا من علم الشافعي ومن معنى قوله لأقرأه على من أراده مع إعلامه بنهيه عن تقليده وتقليد غيره لينظر فيه لدينه ويحتاط فيه لنفسه) اهـ. فانظر ما نقله هذا الإمام الذي هو من أعلم الناس بمذهب الشافعي رحمه الله من تصريحه بمنع تقليده وتقليد غيره.

وأما الإمام أحمد بن حنبل فالنصوص عنه في منع التقليد كثيرة. قال أبو داود: قلت لأحمد: الأوزاعي أتبع أم مالك، فقال: لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فخذ به. وقال أبو داود سمعته -يعني أحمد بن حنبل- يقول: الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ثم من هو من التابعين بخير. اهـ

فانظر كيف فرق بين التقليد والاتباع. وقال لي أحمد: لا تقلدني ولا مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا. وقال: من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال. قال ابن القيم: ولأجل هذا لم يؤلف الإمام أحمد كتابا في الفقه، وإنما دون أصحابه مذهبه من أقواله وأفعاله وأجوبته وغير ذلك.

وقال ابن الجوزي في تلبيس إبليس: اعلم أن المقلد على غير ثقة فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>