للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليدحضوا به الحق.

{فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٣٥) أي: ليست وظيفتهم إلا البلاغ للرسالة، الموضح طريق الحق، والمظهر أحكام الوحي التي منها تحتم تعلق مشيئته تعالى باهتداء من صرف قدرته واختياره إلى تحصيل الحق، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (١).

وأما إلجاؤهم إلى ذلك، وتنفيذ قولهم عليه شاؤوا أو أبوا كما هو مقتضى استدلالهم فليس ذلك من وظيفتهم، ولا من الحكمة التي يتوقف عليها التكليف، حتى يستدل بعدم ظهور آثاره على عدم حقية الرسل عليهم السلام أو على عدم تعلق مشيئته تعالى بذلك، فإن ما يترتب عليه الثواب والعقاب من الأفعال لابد في تعلق مشيئته تعالى بوقوعه من مباشرتهم الاختيارية، وصرف اختيارهم الجزئي إلى تحصيله، وإلا لكان الثواب والعقاب اضطراريين.

والكلام على هذه الآية ونحوها مستوفى في تفسير 'روح المعاني' (٢) وغيره.

فجحود القدر، والاحتجاج به على الله، ومعارضة شرع الله بقدره، كل ذلك من ضلالات الجاهلية.

والمقصود أنه لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين، فمن زلت


(١) العنكبوت الآية (٦٩).
(٢) (٨/ ٥١ - ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>