للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجالسه الحديثية؛ فأعلن بمحضره وجوب الرجوع للكتاب والسنة، ونبذ ما سواهما من الآراء والأقيسة، ونصر مذهب السلف في العقائد، واشتد الجدال بينه وبين من كان يحضر من العلماء في ذلك المجلس، كل فريق يؤيد مذهبه ومعتقده، إلا أن السلطان لم يكن يعمل بأقوال العلماء فيه ككونه معتزليا، وخارجيا، وبدعيا؛ بل كان في الحقيقة ناصرا له بما كان يخصه به من العطايا والصلات، زيادة على سهمه معهم في جوائزه المعتادة، وبسبب تعضيد السلطان له بعطاياه ثابر على مذهبه طول حياته؛ فنشره في كافة أنحاء المغرب، وتلقاه عنه كثير من مستقلي الأفكار منذ أوائل هذا القرن إلى أن توفي منتصفه رحمه الله تعالى حسبما استوفينا الكلام على ذلك في ترجمته من المعجم (١)، هكذا تقلب هذا المذهب في المغرب، وهو اليوم شائع منصور بفضل القائمين به، وتأييده بالأدلة الصحيحة وسيزداد اليوم ظهورا. (٢)

- وقال: كان رحمه الله عالما مشاركا، محدثا ملازما لتلاوة القرآن الكريم، حسن النطق به، دؤوبا على نشر الحديث وتدريسه، سلفي العقيدة، أثري المذهب، عاملا بظاهر الكتاب والسنة، نابذا لما سواهما من الآراء والفروع المستنبطة، منفرا من التقليد، متظاهرا بمذهبه، قائما بنصرته، داعيا إليه، مجاهرا بذلك على الرؤوس، لا يهاب فيه ذا سلطة، شديدا على خصمائه من العلماء الجامدين وعلى المبتدعة والمتصوفة الكاذبين، مقرعا لهم، مسفها أحلامهم، مبطلا آراءهم، مبالغا في تقريعهم، لم يرجع عن ذلك منذ


(١) (ص.٨١ ج ٢) وهو رياض الجنة وسيأتي النقل منه.
(٢) الآيات البينات في شرح وتخريج الأحاديث المسلسلات (ص.٣٠١ - ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>