وأقول: الخير كله في اتباع كلام الله وكلام رسوله، وما استنبطه العلماء رحمهم الله، أما الأمر بالمواظبة على الفاتح؛ فإني لا أرى داعي له؛ فإن كان يريد به الدين النصيحة؛ فالنصيحة أن يرشدهم إلى الفقه والحديث وكلام الله وتعلم الضروري من علوم الدين، وإن كان يريد أنه حصل هذا ولم يبق له إلا العمل، فالنصيحة أن يرشدهم إلى تلاوة كتاب الله؛ فإن الحرف منه بعشر حسنات بفهم وبغير فهم، وإن قال:"هذا من باب التدلي -على زعمهم- ليصل إلى الترقي" فأقول: يرشدهم إلى ما ورد في الحديث من الاستغفار وسبحان الله بحمده، وغير ذلك، وإن أرادوا خصوص الصلاة عليه -عليه السلام- فما أحسن الوارد، كيف وقد قالوا:(كيف نصلي عليك يا رسول الله؟) قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد»(١) على أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلموا أحداً تدلياً ولا ترقياً، بالمعنى المصطلح عند القوم، وإنما علّموا كتاب الله وأحكامه.
ومن زعمهم الفاسد الشنيع المتعارف بينهم نشر ثوب وسطهم، حال التصلية، أسمعت، أو علمت، أو روي لك، شيخ من أصحاب الحديث، أم جاء في كتاب الله، أو استنبط من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّ قارئ القرآن ينشر أمامه ثوبا ليقرأ عليه فضلا عن قارئ الفاتح، ألهذا مزية وفضل استوجب به هذا، وما بلغ مداه القرآن والحديث فحرُما، إلا أن خير الهدي هدي محمد -
(١) أخرجه: مالك (٤/ ٧٧٢) (فتح البر) وأحمد (٤/ ١١٨) و (٥/ ٢٧٣ - ٢٧٤) ومسلم (١/ ٣٠٥/٤٠٥) وأبو داود (١/ ٦٠٠/٩٨٠) والنسائي (٣/ ٥٢ - ٥٤/ ١٢٨٤ - ١٢٨٥) والترمذي (٥/ ٣٣٤ - ٣٣٥/ ٣٢٢٠) من حديث أبي مسعود الأنصاري.