معرفة الحق والبصيرة فيه، وعرضناه على مشايخ المسلمين فاستحسنوه وأجازوه، فالحمد لله الذي جعل لأهل الحق بقية وعصابة تذب عن دين المرسلين، وتحمي حماه عن زيغ الزائغين وشبه المارقين والملحدين، فلربنا الحمد لا نحصي ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يُثني به عليه خلقه، وهذه منة عظيمة ومنحة جليلة جسيمة حيث جعلكم الله في هذه الأزمان التي غلب على أكثر أهلها الجهل والهوى، والإعراض عن النور والهدى، واستحسنوا عبادة الأصنام والأوثان، وصرفوا لها خالص حق الملك الديان، ورأوا أن ذلك قربة ودين يدينون به، ولم يوجد من أزمان متطاولة من ينهى عن ذلك أو يغيره. فعند ذلك اشتدت غربة الإسلام واستحكم الشر والبلاء، وطمست أعلام الهدى، وصار من ينكر ذلك ويحذر عنه خارجيا قد أتى بمذهب لا يعرف، لأنهم لا يعرفون إلا ما ألفته طباعهم وسكنت إليه قلوبهم، وما وجدوا عليه أسلافهم وآباءهم من الكفر والشرك والبدع والمنكرات الفظيعة، فالعالم بالحق والعارف له والمنكر للباطل والمغير له يعد بينهم وحيدا غريبا.
فاغتنموا رحمكم الله الدعوة إلى الله وإلى دينه وشرعه، ودحض حجج من خالف ما جاءت به رسله ونزلت به كتبه من البينات والهدى، وأن تكون الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، بالحجة والبيان، حتى يمن الله الكريم عليكم بمن يساعدكم على هذا، فإن القيام في ذلك من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، وأفضل الأعمال الصالحات لا سيما في هذا الزمان، الذي قل خيره وكثر شره، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من دعا إلى هدى كان له من