يميل إلى مذهب المتكلمين المنحرفين الذين يقولون بأن العقل يقدم على النصوص الشرعية إذا تعارضت، وأنه يجب تأويل النصوص حتى تتفق مع العقل في مسألة الاستواء والنزول الإلهي ونحوها تبعا لأسلافه، فقلت له: -حين أوَّل، بل حَرَّفَ نصوص الشرع من جنس التحريفات التي يقولها المتكلمون من الجهمية، ومن وافقهم من الأشعرية ولو في بعض الصفات- الموجه إليه الخطاب في هذا المقام أحد رجلين:
إما رجل لا يعترف بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وصدقه؛ فهذا يتكلم معه في الأصل في إثبات نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وبيان براهينها القوية الظاهرة الكثيرة، فأعيذك بالله أن تكون هذا الرجل، بل أعرف أنك من أعظم من يكفره ولا يعتقد إسلامه.
والرجل الثاني: من يعلم أن محمدا رسول الله حقا، وأنه صادق وما جاء به ثابت لا ريب فيه، وأنه إذا أخبرنا بشيء نجزم بثبوت ما أخبرنا به، وأنت لا شك تقول بهذا؛ ومن قال بهذا، فإنه يمتنع عنده أن يجعل العقل مقدما على خبر الرسول الصحيح الثابت، فإيمانك بالرسول وتصديقك له في كل ما أخبر به يوجب عليك أن تقدم قوله وخبره على كل شيء، عقل أو غير عقل.
ثم اعلم يا أخي مع ذلك أنه لا يمكن أن يوجد معقول صحيح مسلم فيه عند عقلاء الناس يعارض ما جاء به الرسول، فمدلول كلام الرسول صدق في أخباره، عدل في أوامره ونواهيه، وإذا أصررت أن العقل الذي تدعيه يناقض هذه النصوص، فهذه دعوى يتمكن كل مبطل من قولها، ولا